الاثنين، سبتمبر 08، 2008

لمحه من حياة الكائن صفر


أحيانا أشعر بمذاق الموت اللاذع في حلقي وأشم رائحته النفاذة التي تزكم انفي..رأيتني مرارا مسجى فوق رمال الصحراء المحرقة , تغطى الدماء وجهي وجسدي , وترتوي من دمائي رمال الصحراء التي يتسع فمها لابتلاع الجميع .
رأيتني أيضا أسير في الصحراء بلا هدف وخلفي كثيرون ،نصارع من اجل الحصول على كسرة خبز أو قطرة ماء , أعيتنا حرارة الشمس وكثرة المشي يسقط هذا أو ذاك , يقف , يكمل السير بقدم أنهكها التعب .
يسقط ...................
ويسقط .................
ويسقط¬ .................
انظر خلفي , أرى نفسي وحيدا, فلا أجد بدا من السقوط .
جلس على سور الكوبري المخترق لجسد النهر , وأعطى وجهه للماء , اطل بعينين حزينتين أنهكتها الأيام إلى السماء وهى تعانى بثوبها الشفاف آلام المخاض لتعلن قدوم الشمس وقال .
- لماذا أتت بي أمي إلى هذه الدنيا ؟!
يشعر بأنه الأقل , وان الجميع يضغطون بأحذيتهم الغليظة فوق رقبته النحيلة , يتحاشى الشجار مع أصدقائه بعد ما حدث له وهو في المرحلة الابتدائية, تشاجر مع أحداهم التف حوله الجميع وكأنه عدوهم الأوحد اللدود , انطلقت الأيدي والأقدام لا تترك موضعا من جسده ألا وطأته وبقوة .
ترك أصدقاءه وذهب لكي يصادق غيرهم , شعر معهم بآدميته , ذهب القدامى إلى الجدد وقصوا عليهم حكايته , نبذوه ولم يجد أحدا يصادقه , تلقى عرض من أصدقاءه القدامى أما أن يعود إليهم أسوء مما كان وإما لن يجد أحدا يصادقه , فهم خلفه مصدرا لإزعاجه , وإفشاء ما يعلمون لمن يحاول أن يصادقه , أصابته شذرة من عزة النفس , رفض , لم ينجو من مضايقتهم له حتى وافق وبشروط اقل .
ـ متى ستحرر أرضنا المغتصبة من نير الاحتلال الغاشم؟!
قال أحد أصدقاءه ضاحكا .
- لا أدرى يا آخي , لماذا تعتقد أن كل شئ مثل أمك ؟!
لم يحتمل الضربة القوية على جرحه القديم الغائر الرافض للاندمال , امسك بتلابيبه، التف حوله الجميع .
لملم جسده بصعوبة , وذهب إلى مكانه المفضل النهر , تذكر ما حدث له منذ قليل و منذ قديم ونظر إلى الماء وألقى نفسه بين أحضانها , غاص ........!!!!
وغاص ........!!!!
وغاص ........!!!!
اقترب من القاع , نظر لأعلى رأى ضوء الشمس البكر يتسلل بهدوء إلى الماء وقال .
- مادام هناك موت , فلماذا لا أموت وأخذ معي عدد من هؤلاء ؟! , سبب تعاستي وتعاسة أمي , وتلطيخ جبهتها طوال هذه السنين , واثبت للجميع أنني انتمى لهذا الوطن ولا اقل عنهم حبا له .... !!!!


20/9/2004