الأحد، يوليو 27، 2008

الفصل الثالث من رواية المدينة التائهة

اغتسل، دعك جسده بقوة لمحو آثار اللقاء، وضع يده علي الحائط وطأطأ رأسه لاحت له ليله الأمس... عندما وصل للهزة وارتعش بدأ يسترد عقله، شعر بالخطأ يحيط به، يخنقه , مكث لحظات في فراشه يتطلع للسقف في حيرة وحزن, ثم نهض وألقي نظرة ألم علي جسد (علياء) العاري.. لم يتحمل شعوره بالخطأ شعر برغبته في نسيان ما حدث ذهب لغرفة مكتبه واحتسى زجاجة خمر أعادت لذاكرته ذكرى والدته التي تؤرقه، تذكر ما حدث مع (علياء) شعر برغبة عارمة في إذلالها، أيقظها، بصوت ناعس سألت عن سبب إيقاظها في هذه الساعة، طلب مضاجعتها في دبرها، استنكرت، صمم، وافقت إرضاء له، يشعر وكأنها عاهرة، لا يشعر بالعاطفة، وكأنه يفاوض على سلعة، أنتهي من استحمامه ووضع جسده في الروب الحريري، ذهب لغرفته لإرتداء ملابسه, استقبلته (علياء) التي لم تغادر الفراش بابتسامة, سألته عن وجهته , لم يرد, لم يطق النظر في وجهها، ارتدى ملابسه في عجالة، أمر السائق بتجهيز العربة، شعر بأنفاس والدته تغرق المكان، سعل، قطع أروقة القصر في سرعة، دخل العربة، أغلق الباب، شد السائق اللجام برفق، تحركت الجياد بتؤدة منكسة رؤوسها، لن ينسى أبدًا ذلك اليوم، ما دار بداخله، كل خلجة، كل حرف .. بدأ الأمر ببرقية تخبره بوفاة والده، حزن، أخبر (علياء)، صارحته بحملها، أقنعته بعدم أهمية التعليم، هو يملك الكثير من الأموال وأمواله بحاجة لرعايته، تزوجها، عاد للضيعة، شعر بتبرم والدته من وجوده، كذب حدسه..أثناء جلوسه في غرفة المكتب طرقت إحدى الخادمات الباب برفق، دخلت متسللة، أخبرته أنها صديقة (وفاء) وأن (وفاء) عشيقة والده ماتت الأسبوع الماضي، كانت تشعر بقرب نهايتها، وجدوا السيد (التلاوي) متوفىً في تلك الغرفة جالسًا على مكتبه، كانت تشك أن الملاحظ قتل السيد لاكتشافه سرقاته.. لم يصدقها (قاهر) ,و قرر مراجعة الكشوف، وجد بها تلاعبًا لم يحاول إخفاءه وكأنه يعتقد أنه أبله ولن يكتشف الأمر، لم يكتشفه فعلًا لولا الخادمة، استشاط (قاهر)غضبًا، حمل سلاحه، واصطحب معه حارسين لحمايته من غدر الملاحظ ... طرق باب منزل الملاحظ بقوة، خرج (الملاحظ) مرتبكًا وهو يرتدي سترته، هم (قاهر) بالدخول فمنعه الملاحظ , أزاحه (قاهر) بعنف، ودخل رغم محاولة الملاحظ المستميتة في منعه من الدخول، اقتحم غرفة نومه، اصطدم بوالدته عارية، تسمر (قاهر) من هول المفاجأة، حاولت (نجوي) ستر نفسها بيدها، أمرها بارتداء ملابسها والذهاب للقصر.. أمر الحارسين بقتل الملاحظ، خنقاه، وبمجرد تركهما الجسد أطلق عليهما النار مدعيًا أنه ضبطهما يقتلان الملاحظ الذي اكتشف سرقاته وذهب لكي يحاسبه، يبدو أنهما شريكاه في السرقة واختلفوا. بعد ثلاثة أشهر من حبسه لـ(نجوي) ومنع الرجال من الاقتراب من غرفتها استبدت بها الرغبة، لم تفلح محاولاتها في المقاومة، حاولت الاعتداء علي (قاهر), تمكنت من نزع سرواله، أفلت من بين يديها بصعوبة.. أعد وليمة ضخمة له ولوالدته فقط. - ستأخذين حريتك. انتهيا من تناول الطعام، جلسا أمام المدفأة، سرى السم بجسدها، شعرت بأحشائها تتمزق، أمسكت معدتها، صرخت، أفرغت ما في جوفها، ابتسمت: - قتلتني، كنت أتوقع هذا، أريد أن أقص عليك قصتي فاسمعها للنهاية ولا تقاطعني.. بصعوبة وبعد العديد من الوسائط لوصف جمالنا تمكنت وخالتك من العمل خادمتين في قصر الإمبراطور (أنتروفك)، كان مولعًا بالنساء، عاشرني وعاشر خالتك، أحيانًا كان يجمعنا على فراش واحد، عشقت الجنس، كنت أمارسه كل ليلة، وأحيانًا أكثر من مرة مع أكثر من رجل، جميع الخدم في قصرك عاشروني، منهم من فعلها مرة، ومنهم من فعلها مرات.. حاولت إغواء (التلاوي)، رفض وأخبرني أنه لا يشارك سيده في شيء، حملنا من الإمبراطور، أخفينا الأمر، كنا نخشى بطش (زارونكي)، عندما علم زوجني (التلاوي) وزوج خالتك (راغب)، أهدانا مناصفة خمسة عشر آلاف فدان وسفينتين كبيرتين، حتى الآن لا أعلم لماذا فعل هذا؟ ظل والدك يستولي على القطعة تلو الأخرى حتى وصلت عشرة آلاف فدان، لم تجد (عزيزة) بدًّا من بناء سور ضخم يتوسطه بوابة ضخمة يفصل بيننا وبينهم، أقسمت على الوفاء له، لم يقربني، حاولت إغواءه، تارة بحرارة وتارة أخرى ببرود، لم يحرك ساكنًا، اعتقدت أنه عاجز حتى رأيته يعاشر الخادمة، سألته: لماذا تذهب للأخريات؟أجاب ببرود: لا أشارك سيدي في ملكه. نشأت بيني وبين الملاحظ علاقة.. أخبرني (التلاوي) أن الملاحظ يسرقه. لا أدري أكان يعلم بعلاقتنا أم لا؟، أخبرت الملاحظ واتفقنا على قتله، خنقناه في مكتبه، ثم قتلنا الخادمة التي فضلها عليَّ.. في البداية عندما حضرنا إلى هنا قطنَّا في منزل نائب (زارونكي) الذي غادر الضيعة بالطبع، كان أهل الضيعة يملكون المنازل فقط، كان يستأجرهم للعمل في الأرض بأثمان بخسة، ثم يبيعهم الغلال بأثمان باهظة، تراكمت عليهم الديون، تملك منازلهم وأصبحت الضيعة كلها ملكًا له.. أنشأ القصر بعدما فرغ من بيع الحبوب التي أنتجتها الأرض، اشترى الكثير من المدافع الضخمة ووجهها نحو البحر والجبل.. ضاق الناس ذرعًا، أثناء انتقال الكثير منهم للجانب الآخر ساد الهرج والمرج، أبحروا نحو البحر، أطلق الحرس الخاص لـ(التلاوي) النار، لم يقتلوا الكثير، اضطر بالرغم من شحه إلى الاستعانة بالكثير من المراقبين والحرس، أصبحت عملية الانتقال تتم تحت حراسة مشددة، قَل الفلاحون، اتفق مع بعض العصابات على خطف الكثير من الناس مقابل مبالغ طائلة.. أخبرني يا (قاهر) هل تعشقك (علياء)؟ لا أعتقد؛ فأنت بدين قبيح كوالدك، هي تعشق مالك.. كنت تعاشرها قبل الزواج، أليس كذلك؟ من ذا الذي أدراك أنها لم تعاشر غيرك،، وأن الطفل الذي بداخلها هو ابنك؟. أفرغ ما في جوفه، أفرغت ما في جوفها للمرة السادسة، وسكت اللسان عن التحدث.. بصق على جسدها الساكن الغارق في القيء، وقال بغيظ: - سأقتل كل من وضع يده عليك أيتها العاهرة. أمر (قاهر) بإخراج جميع الخدم خارج القصر وتقييدهم. - وضعوا السم في الطعام، ماتت السيدة (نجوى).. لولا جسدي القوي لكنت في عداد الأموات. بصرامة سألهم عن واضع السم، تدفقت دموعهم في غزارة، لجمت ألسنتهم، فقدت أعصابهم السيطرة على نفسها، لم تقو أقدامهم على حمل أجسادهم المثقلة بالرعب، زحفوا، أحذية المراقبين الغليظة ضغطت على رقابهم، فتحوا أفواههم عنوة، قطع ألسنتهم واحدًا تلو الآخر.. انتشى لمرآته عيونهم المذعورة المحدقة بالمسدس المصوب نحوهم، متابعتهم يده التي تداعب الزناد.. قصر العمل داخل القصر على النساء ماعدا الحديقة..لاح له أول لقاء بـ(علياء) ...تعلق بصره بالفتاة الجميلة التي تقبل عليه بابتسامة كبيرة، صافحتهما. - (علياء). - (قاهر). - أنت تشبه الإمبراطور السابق (أنتروفك). ابتسم (قاهر)، أشار صديقه ناحيته، قال: - إنه من الأثرياء، يملكون عشرة آلاف فدان. ارتفع حاجباها في دهشة، انخفض أحدهما وتبعه الآخر بعد قليل. ترقرقت عيناه بالدموع وقال بمرارة: - كل النساء عاهرات حتى أمي، بل هي زعيمة العاهرات. عض شفته السفلى بمرارة، نظر يمينًا، اصطدم بها، أمر السائق بالتوقف، تأملها.. الملابس المهلهلة القذرة المصفرة باهتة الألوان، الوجه الأبيض المتسخ ذو العظام البارزة قليلًا، بقايا النور والبراءة المتراقصان عليه، الشعر الأحمر الملتصق بالجبهة الملبدة بالعرق والغبار، فمها الصغير، أنفها الدقيق، عيونها الواسعة، أشياء كثيرة تشي بأنها كانت تحمل يومًا الكثير من الجمال، تحتاج فقط للاستحمام واستبدال هذه الملابس لتعود لسيرتها الأولى. عندما بنى الملحق في الفناء الخلفي للقصر سألت (علياء) عن سبب بنائه، أجاب: أبغي القليل من الراحة، اندهشت لعدم كفاية غرف القصر لراحته، يحتاج للراحة قليلًا بعيدًا عنهم، بعيدًا عن الجو المعبق بالأنفاس التي تذكره بالأحداث التي تؤرقه، أحيانًا يشم رائحة فم والدته، يراها تعاشر أحدهم وتنظر له في شماتة وتضحك بميوعة، يحتسى الخمر حتى يسقط في النوم ساعات طويلة، يفيق تحت وطأة الشواكيش الضخمة التي تطرق عقله بقوة.. لا تحب (علياء) إزعاجه، دائمًا تتركه يفعل ما يحلو له، يتمنى لو تتشاجر معه ولو لمرة واحدة، تسبه، تشعره أنها لا تتملق، أنها تحتمله حتى وفاته وبعدها تأخذ كل شيء. "آه منكن أيتها الجميلات، أقسم أن المرأة التي تجمع القطن هناك عاهرة، خانت زوجها كثيرًا، يجب إذلالكن بمضاجعتي لها إذلالًا لها ولـ(علياء)" استدعى الملاحظ، عاجله الملاحظ بحاجة العمل الشديدة لدفعة جديدة من الرجال بدلًا من الذين تم قتلهم لقمع عصيان الأسبوع الماضي.. قال (قاهر) بإعجاب دون أن يبعد نظره عن (صبرة): - لقد استطاع (نافع) أن يخمده في لحظات. سكت هنيهة ثم استطرد قائلًا: - لقد عينته نائبًا لك. امتقع وجه الملاحظ، وسقط قلبه بين قدميه، بحث سريعًا عن طريقة يقصي بها (نافع)عن طريقه فلم يجد.. قبض على عين (قاهر) المتعلقة بـ(صبره)، لمعت عيناه، المرة الأولى التي يراه يحملق في النساء، لماذا لا يعرض عليه إمكانية مساعدته في الحصول عليها؟ وبهذا يكسب نقطة عنده.. ابتسم الملاحظ ابتسامة لزجة وقال بخبث: - أتريدها سيدي؟. - اذهب بها للخدم لكي ينظفوها ثم ائتني بها في الملحق. - كما تأمر يا سيدي، اذهب أنت واسترح وستأتي إليك راكعة. ازدرد لعابه، أشار بيده محذرًا، وقال: - إياك والتأخير. بعد انصراف (قاهر)، اقترب الملاحظ من أذنها، وقال بصوت يشبه الفحيح: - ابتسم لكِ الحظ، سيدي يريدك. انتفضت (صبرة) واتسعت عيناها في ذعر، أمسك ذراعها بقوة، صرخت: - (سليم) النجدة. اندفعت الصرخات بسرعة تشق المسافة الضئيلة الفاصلة بينها وبين(سليم)، مزقت أذنه، انتصب، لم ير سوى يد الملاحظ المتشبثة بذراع زوجته ويجرجرها بعنف، امتقع وجهه، يؤمن بانتهاء الأمر، هرول في محاولة يائسة لنجدتها، مزق سوط الملاحظ وجهه، تدفقت الدماء الساخنة علي وجهه، تأوه، وضع يسراه على موضع الضربة، وتشبثت يمناه بزوجته، وهوى بقدمه الثائرة على صدر الملاحظ فسقط على الأرض يتلوى.. احتضنها، حاول عبثًا إيقاف دموعها، قبَّل جبينها، انتصب الملاحظ، نفض عن ملابسه الغبار، نادى المراقبين وأمرهم بتأديبه، التف المراقبين حول (سليم)، أشبعوه لكمًا وركلًا، خارت قواه وسقط على الأرض.. ألقى (سليم) على زوجته نظرة أخيرة بعين تقاوم الإغماء، مدَّ يده وكأنها ستمتد وتبعد عنها كل المخالب التي تحاول أن تنهشها.. حلقت روحه, استقلت آلة الزمن وضغطت علي أزرارها لتقله لقريته منذ عدة سنوات خلت.. وعد زوجته بنزهة فوق صهوات الجياد في الجنة الموجودة عند أطراف القرية..استيقظت مع شروق الشمس، غسلت وجهها، وأعدت إفطارهما، هزته، تمتم بكلمات غير مفهومة حاولت عبثًا فك طلاسمها، ابتسمت وعاودت الكرة، بصوت ناعس توسل أن تتركه ينام ولو لساعة أخرى، توسلت، أرغمت عينيها على سكب بعض الدموع، استيقظ على مضض تحت وطأة أصابعها التي لعبت بقوة على أوتار قلبه.. أعدت طعامًا وشرابًا يكفيهما يومًا بأكمله، أعدَّ الجياد وخرج من حظيرته الملتصقة بظهر المنزل ساحبًا خلفه الجوادين، اجتاز حديقته الصغيرة، وانتظر قليلًا بالخارج ثم هتف في ضيق: - هيا يا (صبرة)، ألا يكفيك إيقاظي في هذه الساعة المبكرة؟ لقد مللت الانتظار. خرجت، أغلقت الباب خلفها وقالت مبتسمة: - أتسمي الدقائق القليلة انتظار؟ أشاح بيده وغمغم ضاغطًا على أسنانه. - أنا المخطئ من البداية. عقدت حاجبيها ومالت بأذنها ناحيته مصطنعة عدم السماع وقالت: - ماذا تقول؟. بنفاد صبر قال: - لا شيء. ضحكت ضحكة مرحة أنعشت خلايا مخه المتكاسلة وقالت: - لقد سمعتك. احتوى وجهها بنظرة حنون، وابتسم قائلًا: - ارحميني أرجوك. نبهها لخلو الطريق من المارة، ابتسمت واصطنعت عدم السماع.. بمجرد وصولهم أصرت أن تقيم معه سباقًا، ساعدها على امتطاء الجواد، وكالمعتاد تعمد الخسارة، قالت بخبث: - أتعرف ما الذي يعجبني فيك؟ تعمدك الخسارة كل مرة. صاح مستنكرًا: - فقط؟ ضحكت بميوعة وواصلت سيرها صوب المجرى الصغير المخترق المرعى، لحق بها، ساعدها على الهبوط، التصق بها، أزاحته برفق، نظر إليها بغيظ فأشاحت بوجهها بعيدًا. - وإيقاظي في الصباح الباكر ألا يعجبك؟ جلست على الشاطئ وداعبت الماء بقدميها،، جلس بجوارها ووضع يده فوق كتفها، قال بخبث: - أنا أنفذ لك جميع رغباتك. ضحكت ولم تجب.. برز من العدم ثلة من الرجال ملثمين، أحاطوهم، انتفضت، التصقت بظهره، حاول أن يحتويها بيديه، أن يدمجها بجسده، نواياهم واضحة، لن يدعهم يمسوها، سيموت قبل أن يحدث هذا، أخرج ما معه من نقود، سيجعل العنف خطًّا أخيرًا، للدفاع، عرض النقود مقابل أن يتركوا زوجته ترحل، أخذها أحدهم بعنف، أمرهم زعيمهم بتقيدهما، استعد (سليم) للمعركة، اقترب منه أحدهم، صفعه، اشتبك معه، تكاثروا عليه، أشبعوه لكمًا وركلًا حتى فقد وعيه.. شيئًا فشيئًا عاد إليه وعيه مصحوبًا بصداع عنيف، تحسس بقايا الدماء المتخثرة المتناثرة على وجهه، عبثًا حاولت (صبره) إزالتها، بدهشة تفحص المكان الذي يشبه زنزانة كبيرة يتناثر فيها الرجال والنساء، رفع رأسه عن فخذ زوجته الجالسة ملاصقة للجدار، تأمل وجهها الملائكي النائم المشبع بالغبار والتعب وملامح أشياء حاول جاهدًا طردها من ذهنه، أيقظها، وتسأل. - أين نحن؟. - لا أدري، بعد أن قيدونا ووضعونا فوق جوادينا ساروا بنا مدة طويلة ثم ألقوا بنا في هذا المكان مع هؤلاء. - هل لمسك أحدهم؟. هزت رأسها نافية، تنفس الصعداء، اعتدل وجلس ملاصقًا لها، سألته عن مصيرهما، أجهشت بالبكاء عندما ابتلع كلماته وأطرق بتخاذل وخجل، احتضنها وربت على ظهرها برفق، قال بحزم: - لا تخافي فأنا لن أصمت. سكت هنيهة، طبع قبلة حنونة على جبهتها، وابتسم قائلًا: - مهما حدث لنا فنحن معًا، وسنظل معًا، وسنخرج معًا..قريبًا. لم يكن عرافًا، فلو علم الغيب لتمنى أن يقضي بقية عمره في هذا المكان أو افترقا لكيلا يرى ما سيحدث.. يزداد عدد المسجونين كل يوم.. يدخل أحدهم، يضع الفتات من الطعام ويخرج دون أن يروي العقول الظمأى لإجابة تطفئ النار المضرمة في الصدور، يلوك المسجونين الطعام الرديء دون شهية، فقدوا نصف أوزانهم، ونسوا طعم الطعام الحقيقي، أحيانًا يسقط أحدهم، يلتصق الآخرون بالجدار ويصرخون، يدخل الرجال ويحملونه للخارج. في اليوم الأخير من الأسبوع الثاني لقدومهما أخرجوا الجميع معصبي العيون، خُلعت العصابات في عرض البحر، اختلفت أجساد الملثمين المدججين بالسلاح. عندما علمت (علياء) بوجود (صبرة) في القصر، مزقها الغضب وأعدت نفسها للاشتباك مع (قاهر)، ذهبت إليه في الملحق وسألت بصرامة. - منذ متى تعشق النساء؟. كم تمنى أن تقف معه في هذا الموقف، أقسم على ترك الأمر لو اشتبكت معه، ببرود أجاب محاولًا إثارتها: - منذ الآن؟. استكانت وهدأت ملامحها، كتمت دموعها، ابتسمت، وانسحبت تاركة المكان في صمت. *** سلمت (علياء) جسدها للخادمات، خلعن عنها ملابسها الرثة، غسلن جسدها بالصابون المعطر عدة مرات، نزعن الشعر المنتشر في الإبط والعانة، دعكن كعبيها جيدًا لإزالة القشف المتراكم هناك، نظفن شعرها الحريري الأحمر الغزير، مشطنه، ملئن المغطس بالعطر وأرقدوها فيه، ألبسنها قميصًا أسود حريريًّا عاري الأكتاف، يكشف الساقين المرمريين، اهتاج (قاهر) عندما رأى حلمات (علياء) البارزة، صدرها النافر، احتضنها، قبلها بشبق، حاولت المقاومة، رفضت ذراعها تنفيذ الأوامر، داعبها، اعتلاها، تشعر وكأن عقلها اشترك معهم في الجريمة، لم تقتصر على التسليم، لقد مزقتها الرغبة و قبلته، داعبته كثيرًا، لقد أتت من الحركات ما لم تأته مع (سليم)، حاولت أن تقنع نفسها أن عقلها خشي مضايقة السيد فهي تتذكر تحذيرات الملاحظ بعدم مضايقته، الفراش الوثير الذي شعرت أنها تغوص بداخله أرغم جسدها على إفراز الخدر. لملمت بقاياها المحطمة في صمت دون أن تجرؤ على إظهار الألم لكي لا تعكر مزاج (قاهر)، خرجت يعلو وجهها ابتسامة جامدة، حل محلها أشباح الدموع عندما تجاوزت الغرفة تاركة (قاهر) خلفها مستلقيًا على فراشه غارقًا في بحور الارتياح. *** جلست (علياء) بجوار (سليم) على الفراش المكون من كتلة مستطيلة من الطين موضوع فوقها كمية من سعف النخيل المغطى بخرق بالية.. بللت قطعة قماش قذرة، وحاولت عبثًا أن تزيل الدماء من فوق وجهه، قالت بصوت مختنق وهي تصارع الدموع لكيلا تهرب خارجة من مقلتيها. - لا تؤاخذني، لم يكن بيدي شيئ. انسابت دموع (سليم) في صمت واحتضنها بقوة، تدفقت دموعها بغزارة، ولم يكن يشق سكون الليل سوى نحيبهما حتى أرهقهما البكاء فناما، وأصبح نهارًا يعمل...... ويعمل...... ويعمل........... حتى تخور قواه، وفي الليل يولي زوجته ظهره لعل العمل والزمان يدملان جراحهما. ***

الجمعة، يوليو 25، 2008

من اجندة الروائي "وغدا في المعسكرات"

بعد دهس كرامتي بحذاء ذلك الجندي الغبي الجهم ،استطعت الحصول على أجندة صديقي (مدحت صفوت)قبل جرد الغرفة ... بصقه كبيرة تحية لكل جنود الأرض.
غضب كثيرا عندما قدمته لأحد أصدقائي علي أنه روائي فاشل ...أحيانا اشعر برغبتي في سحق رأسه بحذائي،وأحيانا ارغب -لو أستطيع- في إهداء عمري إليه .
تحمل ألاجندة عنوان "مواقف حياتيه من واقعنا الأليم " .
· موقف (1)
ظل يشكو لوالدته عمله على عربات الآخرين وتعمدهم إذلاله ...قبل يدها وطلب بيع القراريط ، قالت والدموع تترقرق في مقلتيها .
- على عيني يا ولدى دمعتك دي.
ثم امتدت يدها ونزعت الختم من صدرها ...ولكن يجب أن تكتب باسمها فكثيرا ما سمعت عن أبناء تخلوا عن آبائهم .
بعد عودته من الأجنس قبلها واعتذر لكتابة السيارة باسمه لأنها لم تذهب معه ، وقريبا ستنتقل إليها .
- إحنا التنين* واحد يا ولدى .
ظل يعمل ويعمل ويعمل . تناسى الأمر .
- أنا بحبها يا أمي وعاوز أتجوزها .
وافقت على مضض تحت وطأة توسلاته و أقسمت برأس أبيها، سيصبح مطية لها .
كعادته وضع مفاتيحه على المنضدة ، ودخل دورة المياه ليغتسل من وعثاء السفر ذهابا وإيابا ...دعته زوجته للطعام باقتضاب .
-مالك ... يوووه .
جلس ثلاثتهم لتناول الطعام ... تحررت عبرة من مقلتيها وأخبرته بأن والدته قالت لها كيت وكيت وكيت وهمت بضربها ، و بالرغم من مقدرتها على الرد أسرعت بالاختباء ... نظر لوالدته بغضب وسبها ثم طردها خارج المنزل.
جلست كالمعتاد في بلكونتي أتناول الإفطار قبل ذهابي للورشة ... سمعت صراخا في البناية المجاورة ... اخترقت الحشد الذي يحوقل ، فارتطمت بالسيدة ملقاة فوق صدر ابنها الذبيح وقد فارقت الحياة.
وعلمت من أهل الحي أن زوجة السائق قد جنت وأخذت تتحدث عن خيانتها له مع صديقه وإقناعه ببيع السيارة وشراء واحدة اكبر وسرقتها ماله وذبحها إياه أثناء نومه وسرقة عشيقها لها ...علمت أيضا بوقوع حادث راح ضحيته ثلاثة أفراد من بينهم
العشيق .
أخبرتني السيدة أنها تعانى جوعا شديدا لطردها المتكرر من المنزل لان زوجة ابنها
تؤلبه عليها لشكها بوجود علاقة بينها وبين صديقه .
· موقف (2)
ملحوظة "الصفحات مطموسة بعض الشيء توجد عبارة أعلى يسار الصفحة مكتوبة باللون الأسود" .
"لا تحسبن الفراق ببعيد فاجلد أو اتركه لغيرك "

انه يتحدث عن صديقه الذي حذر حبيبته من مجموعة الفتيات اللاتي يحمن حولها ... فقد اخبره أحد أصدقائه عن استضافته لواحدة منهن في منزله ، و لكن يجب أن تخرج عذراء وألا سيتزوجها .
يقول : أن صديقه زاره في الورشة وكان اصفر الوجه زائغ العينين واخبره عن رؤيته لها هذا الصباح واتفاقهما أن يتقابلا الساعة الثانية عشرة ظهرا ولم تأتى ، وعندما اتصل بها أخبرته بأن كل شئ بينهما انتهى ، حاول الاستفسار فأغلقت السماعة بوجهه.
يقول : انه كان يمر بلحظات يشرد ثم يغيب عن الوعي ، انتابته هذه الحالة أثناء جلوسه بمفرده بالمنزل وأصابته إغماءه في الحمام وعند ارتطمت رأسه بالحوض نزف حتى الموت ... بعد أسبوع من جنازته رأى الفتاة التي كان يحب تسير مع مجموعة الفتيات اللاتي اخبره عنهن فأبتسم واكمل طريقه للورشة .
· موقف (3)
ملحوظة "هذا الموقف مكتوب على هيئه نقاط ولا أدرى لماذا ؟ ، ربما كان يريد الانتهاء منه سريعا "
* كان يعمل صياد واستطاع تكوين ثروة .
* لديه عدة محلات ضخمة ، يعمل لديه الكثيرين ، يتعاقد معهم على انهم سيعملون ست ساعات مقابل مائتي جنيه شهريا ، ولكنه يعملون ست عشرة ساعة مقابل ثمانمائة شهريا .
* ممنوع استخدام المحمول أو الضحك أو الأكل أو الجلوس أثناء العمل .
* الكاميرات تملأ المكان ناهيك عن الجواسيس والملاحظين .
* يتزوج بفتاتين شهريا يذهبن إليه والمقابل شقة و سيارة وخمسون ألف جنيه مع اشتراط عدم الإنجاب .
* لديه ولدان يديرا العمل بقسوة وعجرفة بالغتين .
ملحوظة " الصفحات القادمة غير ذات أهمية تتكلم عن الفترة التي قضاها أثناء بناء المدينة الجديدة ، هناك عبارة أعلى يسار الصفحة "
" بين أحياء الفقراء والأغنياء خطا وهمي لا يستطيع أحدا تجاوزه "

أعلنت الحكومة عن احتياجها الشديد للكثير من الحرفيين والمرتبات مجزية .استقر بي المقام هناك اكثر من عامين ، انتهينا من تشيد المدينة التي كانت اقرب إلى الفنادق .
عدت إلى بيتي احمل الكثير من الأموال وأنا في حيرة بين الزواج أو عمل ورشة صغيرة .
· موقف (4)
يسقط غودارد وتيرمان وغالتون .
ملحوظة " أنا في الحقيقة لا اعرف أصحاب هذه الأسماء "
وبالرغم من صعوبة الاختبارات اعتمدت على ثقافتي المحدودة...بعدها بأيام انتشر الجنود في أحياءنا وأخبرونا بأننا اقل من مستوى الذكاء العادي، وسننقل لمكان آخر لرفع مستوانا، أخبرتهم بتمكني من حل الكثير من الأسئلة، دفعوني داخل الشاحنة بعنف حتى كادت عنقي أن تتهشم...ألقى الضابط علينا قائمة من الممنوعات اغلبها خاص بالزواج، هناك العديد من الورش وكلا سيعمل في حرفته...ذهبت لغرفتي لم استطع النوم وأوشكت على قطع ذراعي.
قبل دخولي المجمع اصطدمت عيني بفتاة رقيقة بريئة، انتبهت لنظراتي المنبهرة فعلا الخجل وجنتيها وتوارت عن نظري سريعا.
صارحتها بحبي ، بادلتني الشعور وذكرتني بمنعهم الزواج ،تزوجتها سرا ، وأثناء اجتماعي الثالث بها ، اقتحم الغرفة عددا من الجنود ، حاولت سترها بجسدي ، شعرت بعصا باردة توضع على ظهري فسرت دفقه من الكهرباء في جسدي وغبت عن الوعي ... عندما استيقظت وجدتني نائما في غرفتي ، وجلست لأكتب ما حدث .
ملحوظة " اقتحم بعض الجنود الغرفة وأطلقوا النار عليه فسالت دماءه على الأجندة وطمست ما فيها من كلم ، لا أدرى لماذا لم يقتلوه عندما ضبطوه متلبسا بالزواج يبدو أن الأوامر تغيرت ليكون عبرة لنا وقد كان "
..................................................................................
*(التنين) هكذا في الأجندة ومعناها الاثنين تقريبا.

إبراهيم محمد الكاشف

الصحراء الغربية

معسكرات العزل

المجمع 158 رجال

الغرفة 93

16/3/2086


14 /12/2006


الجمعة، يوليو 18، 2008

مشهد من مسلسل الندالة

حدق مليا في ضيوفه المخترقين لباب غرفته وابتسم .فقد طال انتظاره ... سار متخبطا بعدما فرغت أمواله في متصف اليوم الأول في معدة هذه البلاد .

أرخى يده المعروقة على ملاءته القذرة المليئة بالثقوب التي تحاول جاهدة إخفاء مرتبة فراشه المتهالك الذي قام بشرائه من أحد بائعي الفيفز هاند .

- أنسيت صورك مع راشيل ؟!.

سكت هنيهة واستطرد قائلا .

- سأرسلها إليهم ليروا مؤخرتك الجميلة .

تناول السكين من فوق المنضدة وهوى بها على جسده مرات ومرات .

سحب نفسا عميقا من هواء الغرفة المشبع برائحة غائطه الممتزج ببوله المتراكمان في سرواله اليتيم .

اعتاد السجناء بمعاونة الحراس تفريغ رغباتهم عنده ... أرسل البرقيات لجميع الجهات فلم تعيره انتباها ... رحلوه بشكل قاسى و مهين بعد معرفتهم بإصابته بالمرض المميت ... كلما علم أحدهم بمرضه تجنبه وأخيرا طرده من العمل . لولا معرفة صاحب الغرفة بدنو نهايته لطرده منذ فترة .

- أهذا من الجوع أم المرض ؟

اغلق عينيه ببطء وشبح الابتسامة لم يفارق شفتيه .

18/12/2006

الخميس، يوليو 10، 2008

الفصل الثاني من رواية المدينة التائهة

"عباس القديم" التفت (عباس) لمصدر النداء بفزع فصوت المنادي يشبه صوته تماما...وجد بقية العبيد بعيدا عنه منهمكين في عملهم...قرر عدم الاهتمام والعودة للعمل. "بالرغم من هرمك تعمل بأقصى طاقة وجهد، وكأنك لا زلت فتيًّا. فمن لا يعمل لا يأكل". التفت (عباس) مرة أخري لمصدر الصوت...واتسعت عيناه في ذعر ...فالذي يحدثه هو (عباس القديم) نفسه وكأنه ينظر في مرآة لاتستجيب لاؤامره...الابتسامة التي بلعت وجه (عباس) ضاعفت رعب (عباس). "أمازلت تخشى قوانينهم؟ عندما فرَّ الجميع اختبأت خوفًا من رصاصهم، الآن تخشى سياطهم" صوت طرقعة السوط علي جسد (عباس) جعلت جسد (عباس) يهتز من كثرة الضحك حتى كاد يقع أرضا من الضحك ودمعت عيناه من شدة الضحك. - عد إلى عملك، أم أنك لم تعد قادرًا عليه؟ همهم (عباس) بكلمات غير مفهومة, وعاد لعمله صاغرا مخافة العقاب. "ألم أقل لك أنت لن تحتمل قسوتهم، تحاشاهم" هوى (عباس) بالفأس، عزق الأرض، فتنفست، أزاح (عباس)العرق عن جبهته وتجاهل (عباس) (عباس) الذي ملأ المكان بضحكاته الشامتة.. طرقات على كتفه.. برعب نظر خلفه. " أرأيت؟ لم ترفع إصبع رفض في وجهه؟ اعتدت الذل وعشقته، ستظل مسلسلًا بأغلال الخوف" داعبت أشباح الدموع عين (عباس)، طالب (عباس) بالابتعاد، فرفض، أخرج لسانه، رقص.. بغيظ أطبق (عباس) على عنق (عباس)، والتحم معه.. ثم عقد حاجبيه، ألقى الفأس, وصرخ. - طالبوا بحقوقكم، لا تصمتوا على إهانتكم. تجمع حوله كثيرون، انتشى.. "أنت زعيمهم الآن، تحرك لتكن أهلًا للمسئولية، لن أصمت أبدًا بعد اليوم" ارتبك المراقبون الصغار، وتسمروا...ناوش المتمردين المراقبين الصغار حتى اصطادوا أحدهم، بغل السنوات والذل ضربوه.. فابتعد باقي المراقبين بخوف. *** اقتحم (مساعد) الاستراحة بعنف، لسعات السياط نبهته للخطأ الذي أرتكبه، اعتذر (مساعد).. عقد (نافع) حاجبيه، ولوح بسوطه مهددًا وقال: - ماذا تريد أيها الغبي؟ بخوف تابع (مساعد) حركات السوط، وارتبك.. تسرعت بإسراعك بالحضور.. لماذا لم تترك غيرك يبلغهم؟.. زمجر(نافع). - إنهم يتمردون، اشتبكوا معنا وقتلوا أحدنا. ابتسم (نافع) في ظفر.. "لقد واتتك الفرصة يا (نافع)، إياك أن تخسرها، يجب أن تطفو على السطح وتزيح هذا الملاحظ الأخرق من مكانه" انتبه لنظراتهم المستنكرة لابتسامته الظافرة، ارتبك، وابتلع ابتسامته في سرعة، قال (نافع) بغضب: - ومن ذا الذي يجرؤ على التمرد؟ - (عباس القديم). ألجمته الصدمة وزحف الوجوم إلي وجهه فلم يتوقع (نافع)أن يقوم (عباس القديم) بأي تمرد طيلة حياته فهو يمتاز بالخنوع الشديد وعدم الجرأة علي التمرد أو مخالفة الأوامر. "ضاعت آمالك يا (نافع)، (مساعد) الحقير الذي يخشي أنفاسك يتلاعب بك" قال (نافع) بغضب: - أتهزأ بنا؟ ثم ضرب (مساعد) بالسوط في غضب...لسعات السوط أرجفت (مساعد)، تراجع للخلف وظهرت علي وجهه علامات الألم، امتزج صوت (مساعد) ببكاء: - أقسم أن (عباس) هو الذي حرضهم على التمرد. مزق الملاحظ جدار عزلته، وتسأل عن مطالبهم.. قاطعه (نافع) وقال بحزم. - الوقت لا يسمح بإلقاء الأسئلة. ثم تحرك، وتناول أسلحته، وسار حثيثًا باتجاه الخارج، استوقفه الملاحظ. - انتظر يا (نافع) أوامر السيد. - لا مجال للتأخير، انتظر أنت، أنا المسئول عما سيحدث. *** امتطى (نافع) جوداه، نخسه، اخترق جسده الهواء بقوة, وحلقت روحه وهبطت في أرض أصبح فيها الملاحظ... عندما أصبح بمواجهة (عباس) شد اللجام، جال (نافع) ببصره بينهم، وتسأل مع من يتحدث؟... انتفخت أوداج (عباس) . " لم أكن أعلم أن الشجاعة ستجعلهم يحترمونني هكذا، يا ليتها خرجت قبل الآن بكثير" قال (عباس) بخيلاء مشيرًا للجميع: - جميعنا. أرهف (نافع) السمع ليقيس المسافة الباقية بينه وبين الملاحظ وباقي المراقبين الذين تبعوه صاغرين لأرض المواجهة. " صوت الحوافر بعيد، تريث قليلًا" ابتسم (نافع). - كيف؟ يجب أن تختاروا من يمثلكم. في صوت واحد رشحوا (عباس)، رفض (عباس) التحدث باسم الجميع، هو يعرف مشاكل الرجال جيدًا، تحيط به، يشعر بها جاثمة على صدره، تخنقه، قرر التحدث باسم الرجال، طالب بمعاملة آدمية، تقليص ساعات العمل، تحديد الخطأ والجزاء.. تكلمت إحدى النساء، طالبت بألا يكنَّ مشاعًا للمراقبين لتنقيح أنسابهم، طالب الأطفال بتقليص ساعات عملهم عن ساعات عمل الرجال، بحقهم في اللعب، بتحديد حد أدنى لسن العمل..صوت حوافر الجياد اقتربت أكثر وأكثر، استل (نافع) سيفه من غمده بسرعة وهوى به على عنق (عباس)، ثم طوح سيفه وضرب هنا وهناك، تساقطوا حوله العبيد كالذباب، ساد الهرج والمرج، هاجم العبيد (نافع)، وصل الملاحظ وباقي المراقبين وانخرطوا في المعركة، انطلقت الرصاصات تحصد العبيد الواقفين أمامها، اخترقوا فلول العبيد شاهرين سيوفهم...عفرت وجوه بالتراب، أجساد واهنة تزحف، هرستها سنابك الخيل. *** بإعجاب نظر (مساعد) لوجه (نافع) المكسو بالغبار، وسأله عما سيفعلونه بالجثث. - ألقوها في البحر. بلغ (مساعد) الأوامر، أرغموا العبيد على حمل قتلاهم على أكتافهم وإلقائهم في البحر...لوح الملاحظ بيده محذرا وقال. - اعلم جيدًا أنا لست مسئولًا عما حدث، الخسارة كبيرة. هز (نافع) رأسه باشمئزاز. " أيها الجبان لا تستحق أن تصبح حاملًا لأحذيتي" هرول (سليم) باتجاه (نافع) وقال بصوت متهدج. - سيدي أحدهم يتنفس. ببرود أمره (نافع) بإلقائه في البحر.. كسا ثوب الاستنكار وجه (سليم)، أرتطام سوط (نافع) بجسده مزق ثوب الاستنكار بعنف وألبسه مكانه ثوب الألم والختوع. - نفذ ما أمرتك به. لم تقو قدم (سليم) على التحرك. "من الممكن أن تكون مكانه" عاجله (نافع) بجلدة أخرى، وأشار حوله وقال: - ألا ترى القتلى في كل مكان؟ لمَ كل هذا الاستنكار من أجل أحدهم سيجشمنا عناء علاجه؟ أمسك (نافع) بتلابيب (سليم)،و جره، أجبره على حمله، سار خلفه يعالجه بجلدة كلما أحس فيه الوهن، هدأ عندما ابتلعت المياه الجثث..اخترق (قاهر) المكان في موجة عاتية من الغضب. - ما الذي يحدث هنا؟. هربت الدماء من وجه الملاحظ، تلعثم، تنصل، أشار لـ(نافع). - هو المسئول عما حدث. حافظ (نافع) علي هدوئه وقال بثقة. - سيدي كانوا يحاولون التمرد، وإذا انتظرنا حتى نخبرك فلن نتمكن من إخمادهم أبدًا. لاحت بشائر الرضا على وجه (قاهر) المكتظ، ربت على كتف (نافع): - لك عندي مكافأة كبيرة، أكمل عملك. انصرف (قاهر).. شد الملاحظ قامته، همَّ بإصدار الأوامر.. ابتسم (نافع)، أزاحه جانبًا: - إنه يعنيني أنا أحمر وجه الملاحظ غيظا ونظر لـ(نافع) شزرا, لم يبالي (نافع) بنظراته ... وأمر بجمع العبيد. - الآن ساعة الحساب. - لم أكن معهم. أعطى (نافع) الأوامر .. دارت آلات التعذيب... وسط ركام الصرخات تاهت الأصوات المستنكرة.

الاثنين، يوليو 07، 2008

مذكرات أبو(رحاب)"الرجل الذي لم يصادق ألا ظله"

الأول من نوفمبر 2007, الواحدة ظهرا.

قررت كتابة هذه السطور بعد صراع مرير مع الخوف, مع نصائح الطبيب بالابتعاد عما يذكرني بما حدث...يراني الجميع غريب الأطوار, لأنهم لا يعلمون ما مر بي من حوادث أعذرهم, منذ سنوات استبدت بي رغبة عارمة في الضياع, كان والدي يغمرني بالأموال, عثرت علي مجموعة من الشباب, اقتربت منهم, بعد فترة اكتشفت ابتعادهم عني بمجرد استنزافهم لأخر قرش في جيبي, ويعودوا عندما يمتلئ جيبي مرة أخري, اعتزلت الناس فترة, لم أجد أحدا يسأل عني, كرهت الجميع, كرهت الاقتراب من أي أحد, قررت ادعاء الفقر ليبتعد عني الآخرون, لم أكن أستبدل ملابسي طوال عام كامل.

الثالث من نوفمبر 2007, الواحدة بعد منتصف الليل.

أقف وحيدا لساعات طويلة, لاتكل قدماي, تدور عيناي علي الواقفين والسائرين, أتحشر في مجموعات الأصدقاء الواقفة تتبادل الحديث, لا أشاركهم أستمع فقط.

الرابع من نوفمبر 2007,الخامسة مساءا بعد عودتي من الجامعة.

بعضهم يقولون أنني أعمل لحساب جهة أمنية والبعض الأخر يقول أنني شاذ وأرغب في اصطياد أحدهم.

الخامس من نوفمبر 2007, الثانية بعد منتصف الليل, لم أخرج اليوم.

أسعي للتدفئة في الحرارة المنبعثة من الحديث المتبادل بين الأصدقاء.

14/11/2007

واجب

العزيزه مؤنسة قرص الشمس دبستني في الواجب ده منك لله ربنا يسامحك
أذكر 6 أسرار قد لا يكتشفها من يقابلك أول مرة ؟؟؟قوانين الواجب:1. أذكر اسم من طلب منك حل هذا الواجب2. أذكر القوانين المتعلقة بهذا الواجب3. تحدث عن ستة أسرار قد لا يكتشفها من يقابلك للمرة الأولى..4. حول هذا الواجب إلى ستة مدونين،وأذكر أسماءهم مع روابط مدوناتهم في موضوعك.5. اترك تعليق في مدونة من حولت الواجب عليهم، ليعلموا عن هذا الواجب
نبدأ وربنا يستر واعرف احل وادبس معايا ناس تانيين اشمعني انا اللي ادبس لازم ادبس معايا ناس تانيين(مني لله) انا بضحك ضحكة الاشرار دلوقتي
بالنسبة للاسرار اللي مش هيعرفها عني من يقابلني للمره الاولي فهو بصراحه مش هيعرف عني حاجه لأني مش بتكلم كتير مع الشخص اللي اول مره اشوفه بحب اسمع اكتر لأن كتر الكلام يجيب مشاكل وصداع وده قال وده عاد وحاجات من دي
اولا مش هيعرف اني بحب القراءة والكتابة
ثانيا مش هيعرف ان السلفيين كفروني اكتر من مره
ثالثا مش هيعرف اني طيب وعصبي في نفس الوقت-ده كلام اصحابي مش كلامي- بيقولوا ان الطيبين بيكونوا حساسين علشان كده انا عصبي
رابعا الكلام خلص اكيد هيعرف اني لابس نظاره(عوينات يعني)لأنها ملزوقه في وشي
ايه تاني قولوا معايا ايه تاني مش هيعرف اني بكره الحلاوه الطحنيه والطحينه لأنه عمري ما شافني باكل.
خامسا مش هيعرف اني بدور علي دار نشر تنشرلي الروايه بتاعتي اللي تعبت من رفض دور النشر لها بدعوي احتوائها علي مشاهد جنسيه او لأنها روايه غير مفهومه تتحدث عن احداث تدور داخل ذهن الكاتب فقط.
سادسا مش هيعرف اني متضايق منه لأنه رغاي وبيتكلم عن نفسه كتير وبيهزر معايا زي ما اكون صاحبه من قرنيين لأنه ببساطه مدخلش جوه دماغي
يارب اكون اجبت نص نص او ربع ربع حتي
جينا للتدبيس وانا بضحك ضحكة الاشرار هادبس
ا- اسماء الشيخ صاحبة مدونة كلام وخلاص
http://kalam-w-khlas.blogspot.com/
2-اوفيليا صاحبة مدونة احلام اليقظه
http://ahlamyaqzablogspot.blogspot.com/
3-رؤيه صاحبة مدونة تنهيده
http://tanheda.blogspot.com
4-نعكشه صاحبة مدونة نعكشه
http://hagat-keda.blogspot.com
5-
اسراء بكر صاحبة مدونة دواير

http://dwayer.blogspot.com/

6-مذكرات كشكول المورق صاحبة مدونة مذكرات كشكول المورق

http://mysoulsoaad.blogspot.com

الأربعاء، يوليو 02، 2008

الكلمات المفقوده "رحلة البحث عن سطور التاريخ المسروقه".


سار كالغرباء، لا يدرى إلى أين تحمله قدمه ؟!!! ، وكأن يدا خفية تدفعه للذهاب إلى هناك ، دخل و ألقى السلام ، وجلس بانتظار ميعاد دخوله .

· الجلسة الأولى

تحرر من قيوده ، ونام على (الشزلونج) ، استمع إلى الموسيقى الهادئة ، واسترخى شيئا فشيئا ، وسقط في دوامة وقتية .

- تمنيت يوما أن أكون طفلا عابثاً ، يلعب على شاطئ البحر وقدماه في الرمال تغوص ، يعبث بالرمال الندية ، ويحاول جاهدا أن يصنع ذلك الحصن الحصين لعله يرتقى يوما برجا من أبراجه .

- كان آبى يحدثني دائماً عن أجدادي ، وانهم كانوا يمتلكون عدة متاجر صغيرة ، وبالرغم من انهم أخوه كانوا يتنافسون ، والحروب بينهم دائرة كعادة أهل السوق .

· بعد البحث المضني وجدنا هذا السطر !!!!…

" النقطة المضيئة في بحر الظلمات المتلاطم استطاعت أن تتسع رويدا رويدا لتبتلع البحر كله "

· ومازلنا في الجلسة الأولى

- أنت السبب

حاول المعالج تهدئته ، وإقناعه بأنه لم يفعل شيئا ، ثارت ثورة الرجل ، وامسك بتلابيب المعالج ، أشبعه لكما وركلا ، انهار المعالج ، وسقط على الأرض يتلوى.

- أنا السبب ، أنا السبب

وضرب برأسه الحائط مرات ومرات ، سالت دماءه فوق عينيه فاصبح لا يرى شيئاً ، اقتحم الممرضان الغرفة ، شيئا فشيئا عاد الهدوء للغرفة من جديد .

· سطر آخر لا أستطيع فهمه

" سيأتي زمنا ، يأتي فيه الفجر من فم الذئاب ثم بعض الكلمات التي التهمها الزمان والنسيان لم أتبين منها سوى أربعة أحرف القاف والغين واللام والألف وفى النهاية تصدقوه "

· كلمة يقولها لكم المعالج على انفراد

- حتى هذه اللحظة لا افهم شيئا لعلى افهم شيئا في الجلسات المقبلة .

· الجلسة الثانية

- رأسي تؤلمني ، لقد نسيت كل شئ لا أتذكر شيئا ، اغلق هذه الموسيقى

اغلق المعالج الموسيقى وعاد للرجل هدؤه مرة أخرى .

- حاول أن تتذكر ، اعتصر ذاكرتك.

- تفككوا.

- ألم يكونوا مفككين ؟!.

عاود الغوص في الدوامة التي اعتاد المعالج أن يبعث إليها مرضاه.

- اصبحوا يداً واحدة ، وقوة اقتصادية هائلة تستطيع أن تقف في وجه أي منافس .

· الجلسة الثالثة

- استطاع أعدائهم أن ينشروا الفتنة بينهم ، وان يستولوا على المتجر يتبعه الآخر وكل متجر يأخذوه يتركوه بعد أن يسرقوا بضاعته والآن ينظرون إلى المتاجر الباقية بعين تتملكها الرغبة .

أفاق الرجل وخرج من الدوامة للحظات ، نظر بجواره للمعالج فوجده يهذى ، عاد الرجل للدوامة مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت دوامة أبدية .

23/12/2004